Page 72 - web
P. 72

‫موضوع العدد‬                                                                                         ‫مقالات وآراء‬

    ‫الإعلام وتعزيز الأمن ببناء ثقافة السلم‬                                                  ‫أ‪ .‬د‪ .‬عبد الله بن محمد الرفاعي‬

‫شـكلت أحـداث الحـادي عشـر مـن سـبتمبر‪ 2001‬تطبي ًقـا عمل ًيـا مسـتف ًزا لمـا يمكـن أن‬             ‫المملكة العربية السعودية‬
‫تصـل إليـه التعبئـة الاتصاليـة والإعلاميـة لثقافـة العنـف والتطـرف ضمـن دائـرة الصـراع‬
‫الحضاري التي كان للاتصال والإعلام دور رئيس فيها‪ ،‬وبعي ًدا عن تداعياتها العسكرية‬                             ‫‪72‬‬
‫والسياسـية‪ ،‬فقـد أسسـت هـذه الحادثـة ومـا صاحبهـا حالـة مـن الاسـتنفار الفكـري‬
‫والثقـافي لمواجهـة العنـف والتطـرف والاهتمـام بقضيـة الحـوار والتعايـش الإنسـاني‪،‬‬
‫نقلتهـا مـن دائـرة الاهتمـام النخبـوي إلى دائـرة الاهتمـام الشـعبي؛ مـا فتـح المجـال على‬
‫مصراعيـه مـن جديـد لوسـائل الإعلام والاتصـال معـززة بتقنياتهـا الجديـدة المتمثلـة في‬
‫توسـع القنـوات الفضائيـة‪ ،‬وازدهـار الإنترنـت‪ ،‬وشـيوع الشـبكات الاجتماعيـة؛ مـا‬
‫يمنحهـا أبعـا ًدا جديـدة تما ًمـا‪ .‬وفي هـذا الإطـار الجديـد‪ ،‬للأسـف لـم تمنـح ذاتهـا فرصـة‬
‫للتعـرف على جوهـر مشـكلتها الاتصاليـة‪ ،‬فاسـتعادت ذات المفاهيـم والتصـورات‬
‫الخاطئـة السـابقة‪ ،‬وهكـذا صـارت العمليـة الاتصاليـة المنـوط بهـا مواجهـة التطـرف ومـا‬
‫يرافقـه مـن عنـف تتـم في بيئـة جديـدة‪ ،‬وبين جمهـور جديـد‪ ،‬وبآليـات جديـدة‪ ،‬واهتمـام‬
‫عالمـي غير مسـبوق‪ ،‬وفي الوقـت ذاتـه تقـوم على أسـس قديمـة مبنيـة على الاسرتداد‬

                                  ‫التاريخـي لأصـول وجوهـر حالـة الصـراع الإنسـاني‪.‬‬
‫ولا شـك أن المؤسسـات الاتصاليـة يقـع عليهـا العـبء الأكبر‪ ،‬فهـي تنطلـق مـن أسـس‬
‫فكريـة تحكـم القائمين عليهـا والعاملين بهـا‪ ،‬ولهـذا فـإن دراسـة القائـم بالاتصـال‬
‫باعتباره صانع الرسالة الإعلامية الحقيقي والمؤثر في شكلها النهائي‪ ،‬هي الأكثر جدارة‬
‫بالنظـر والاعتبـار‪ ،‬فالواقـع يؤكـد أن فاعليـة عمليـات الاتصـال الثقـافي ضعيفـة إلى حـد‬
‫كبير‪ ،‬وتتـم في إطـار غير ممنهـج كوسـيلة اتصـال اجتماعيـة أو إسرتاتيجية اتصـال‬

                                                                          ‫ثقافيـة‪.‬‬
‫ونـود أن نشير إلى أن الجهـود الاتصاليـة التـي كانـت تتـم هنـا تتغير باطـراد؛ إذ تتحـول‬
‫مـن حالـة مخططـة ونشـاطات موجهـة تسـتهدف التأثير على الآخـر‪ ،‬إلى حالـة منظمـة‬
‫ونشـاطات تشـاركية تعـزز حالـة التفاهـم المشرتك‪ ،‬وعلى هـذا ينبغـي أن يعـاد تقييـم‬
‫رسـائل الاتصـال والإعلام لمواجهـة التطـرف والعنـف المعـزز للأمـن والسـلم مـن عـدة‬

                                                                           ‫أوجـه‪:‬‬
                              ‫‪ - 1‬مدى اتساقها بمعطيات ومحددات علم الاتصال‪.‬‬
                              ‫‪ - 2‬تنوع نشاطاتها وتنوع الجهات العاملة في إطارها‪.‬‬

                                                 ‫‪ - 3‬نتائجها على الصعيد الشعبي‪.‬‬
                                     ‫‪ - 4‬افعية القائم بالاتصال وتقييمه الذاتي لها‪.‬‬
                         ‫‪ - 5‬العوامل المؤثرة على القائم بالاتصال واتجاهاته نحوها‪.‬‬
‫واسـتعرض ‪ )Milton (1998‬ظاهـرة الاتصـال الثقـافي‪ ،‬مؤكـ ًدا مجموعـة مـن النظريـات‬
‫والتقسـيمات والاعتبـارات والمعايير التـي يمكـن على أساسـها فهـم هـذه الظاهـرة على‬
      ‫نحـو واضـح‪ ،‬بينمـا حـدد ‪ )Barna (1997‬عوائـق رئيسـة للاتصـال الثقـافي وهـي‪:‬‬

                                                              ‫‪ - 1‬افتراض التشابه‪.‬‬
                                                                        ‫‪ - 2‬اللغة‪.‬‬

                                                    ‫‪ - 3‬أنماط التعبير غير اللفظية‪.‬‬
                                              ‫‪ - 4‬الفهم السابق والصورة النمطية‪.‬‬
   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77